أحكام شرعية

وقت ذبح المرأة للأضحية

وقت ذبح المرأة للأضحية

في زمن الأضحية، يحمل الوقت لحظات خاصة به، يترقبها الناس بشغف وهمم مرفوعة. هو وقت واسع، يستمد حليته من لحظات فارقة تبدأ وتنتهي. لا يسمح بذبح الأضحية قبل بدايته ولا بعد نهايته، حيث يكون الرجل والمرأة على حد سواء مسؤولين عن احترام إطار زمني لهذا الفريضة.

بدء وقت الذبح

تبدأ فعاليات ذبح الأضحية عندما يقوم أهل المنطقة بأداء صلاة العيد وانتهاءهم منها. يؤكد الحديث الشريف: “صَلَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ، فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، ومَن لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ باسْمِ اللَّهِ”، وهذا يشير إلى أن أول وقت للذبح هو بعد صلاة العيد، ويتعلق وقت الصلاة بظروف الناس.

تتفاوت آراء العلماء حول حكم الذبح إذا تأخر إمام المسجد في صلاة العيد لفترة طويلة، هل يجوز ذبح الأضحية في هذا الوقت؟ هناك من يشترط على المضحي أن لا يذبح قبل انتهاء إمام العيد حتى لو كان وقت الذبح قد بدأ، وهناك من يروج لفكرة أنها عبادة مرتبطة بالوقت بحيث يشبه الصيام.

اعترض أصحاب الرأي الأول بحديث البراء بن عازب الذي قال فيه: “إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَن فَعَلَهُ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنا، ومَن ذَبَحَ قَبْلُ، فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ”. وخالف أبو حنيفة الرأيين السابقين، وعدَّ وقت البدء هو وقت الفجر الثاني، لأنه إعلانٌ عن بداية يوم النحر.

انتهاء وقت الذبح

تختلف آراء العلماء حول وقت انتهاء مشروعية الأضحية. يروى عن بعضهم أنه يكون في ثاني أيام التشريق، أي يوم العيد واليومان التاليان. بينما يعتقد آخرون أنه يمتد لليوم الثالث من أيام التشريق، مما يعني تجزئة الأضحية التي تُذَبَح في يوم العيد وثلاثة أيام بعده. يقول آخرون أن الوقت يمتد لشهر محرم.

حكم حضور المرأة ذبح أضحيتها

لا يوجد مانع شرعي لحضور المرأة عملية الذبح؛ إذ يُظهر سماح النبي الكريم لابنته السيدة فاطمة بحضور ذبح أضحيتها. قال لها: “يَا فَاطِمَةُ قُومِي إِلَى أُضْحِيَتِكِ فَاشْهَدِيهَا، فَإِنَّ لَكِ بِكُلِّ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا أَنْ يُغْفَرَ لَكِ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكِ”. وسألت السيدة فاطمة: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَنَا خَاصَّةً أَهْلَ الْبَيْتِ، أَوْ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ؟” فأجاب النبي: “بَلْ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ”.

يُشجع أيضاً على حضور المرأة لعملية الذبح من خلال قول ابن عباس: “احضُرُوهَا إذا ذبحتم، فإنه يُغْفَرُ لكم عندَ أولِ قطرةٍ من دَمِهَا”.

حكم تولي المرأة الذبح بنفسها

لا يوجد عائق شرعي يمنع المرأة من أداء عملية الذبح بنفسها إذا كانت قادرة على ذلك، شريطة أن تلتزم بشروط الذبح الشرعية مثل البلوغ، والعقل، والقصد، وقطع البلعوم والمري، والودجين -بتفصيل حسب المذاهب-. يُعبر بعض الأئمة مثل مالك والشافعي عن كراهيتهم لذبح المرأة، ولكن الرأي الشهير يُسمح به.

في ختام القول، يظهر أن الأضحية تحمل لحظات فارقة في زمنها، ورغم تنوع آراء العلماء حول بدايتها ونهايتها، إلا أن المرأة مشمولة بالمساهمة الكاملة في هذا العمل العظيم، سواءً بحضورها لعملية الذبح أو بتوليها الذبح بنفسها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى