اسلام

بيان حال الكافر عند الاحتضار وخروج الروح

بيان حال الكافر عند الاحتضار وخروج الروح

عندما يأتي وقت الاحتضار للكافر، تصبح الأمور مختلفة تمامًا عن تأثير الموت على المؤمن. كل واحد منهما يعلم ما سيواجهه عندما تخرج روحه من جسده. الموت يعد نهايةً للعهد الذي أقسمه بنو آدم مع الحياة الدنيا، وهو الانتقال من هذه الأرض الفانية إلى الدار الخلد. يمكن أن يكون الخلود في الجنة مع استمتاع بنعيمها، أو الخلود في النار مع العذاب الأبدي. ولكن قبل حلول الساعة، يمر الإنسان بمراحل أخرى، أولها هو الاحتضار وخروج الروح من الجسد.

مقابلة ملائكة الموت

وفيما يخص ملائكة الموت، فإن المؤمن الصالح الذي ينظر إلى الآخرة بقلب مشتاق وملئ بحب الله، يتم مرافقته في لحظات الموت ملائكة بيضاء الوجه، يُبشِّرنه بمغفرة الله ورضاه. أما الكافر المتعلق بالدنيا ومشاغلها، فإن ملائكة الموت تظهر له بشكل مخيف ووجوه مظلمة، وتسبب رعبًا في نفسه عند رؤيتها.

خروج روح الكافر من جسده

عملية خروج الروح من الجسد تكون صعبة على المؤمن والكافر على حد سواء، إلا بإرادة الله. ومع ذلك، هناك فارق كبير بينهما. الروح المؤمنة تخرج بسرعة وبأمان، بينما الروح الكافرة تواجه مصاعب وعذابًا. يُشرح دكتور مبروك عطية أن هناك تصنيفين للأفراد عند خروج الروح: المؤمنون الصالحون والكافرون.

المؤمنون الصالحون هم الذين تكون أرواحهم طيبة ومؤمنة، وهم مشتاقون للقاء ربهم. تخرج أرواحهم بسرعة وبأمان. وقد أشار القرآن إلى حالهم في قوله: “الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (النحل 32).

أما الكافرون، فتكون روحهم تعاني عند خروجها من الجسد. تقول ملائكة الموت للكافر: “ادْخُلِي سَاخِطَةً مَّسْخُوطَةً عَلَيْكُم مُّلْعُونَةً” (سورة محمد 27).

لا تُفتح له أبواب السماء

عندما تخرج روح الكافر من جسده بعد العذاب والألم، تصعد مع ملك الموت إلى السماء، لكن أبواب السماء لا تُفتح له. يُذكر في القرآن: “إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ” (الأعراف 40).

يبشره الملائكة بما سيلقاه من العذاب

عند خروج روح الكافر من جسده، تبشره ملائكة الموت بالعذاب والغضب الذي سيلقاه. تظل هذه البشارة مستمرة حتى تنفصل الروح عن الجسد، ثم تُقدم إلى أبواب السماء حيث تُسأل عن هويتها. ترفض أبواب السماء أن تُفتح لها وتقول: “لا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ”، ثم تعود الملائكة بالروح إلى القبر.

خلاصة حال الكافر حتى يوم البعث

حتى يوم القيامة، يعيش الكافر مراحل عذاب متتالية. يرى ملائكة الموت في صورة مخيفة، يُبشِّرهم بالعذاب، يخرج روحه بصعوبة وعنف، يُلعنه الملائكة ويُبشِّرونه بأسماء سيئة، يُضرب على أيدي ملائكة العذاب بقوة، ويُحشر في قبره ويتعرض لعذاب القبر.

حال الكفر عند خروج الروح في السنة النبوية

رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قد وصف بوضوح حال المؤمن وحال الكافر عند الموت وخروج الروح. هذا الوصف يعكس ما تم ذكره في القرآن والسنة.

عن البراء بن عازب قال: “خرجنا في جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ‘وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ المُسُوح، فَجَلَسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ. ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَط مِنَ اللَّهِ وَغَضَب’. فَتَفْرُقُ فِي جَسَدِهِ، فَيُنْتَزَعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا. فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ. وَيَخْرُجَ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُوا: فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا [حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا]. فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ” (رواه الإمام أحمد).

هذا الحديث يصف حال الكافر عند خروج روحه من الجسد، حيث يتعرض لملائكة سود الوجوه وملك الموت الذي يأتي لاستخراج روحه بعنف. بعد ذلك، تقتاد روحه بعيدًا عن السماء وتُبشِّرها بالسخط والغضب من الله، وتكون مصاعب خروج الروح عليها. وأخيرًا، لا تُفتح له أبواب السماء ويُبقى محرومًا من رحمة الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى