دول الخليجالقوانين والحكومات

تنفيذ حكم الجلد في السعودية

الجلد، عقوبةٌ تجمع بين العز والوزر في آن واحد، وقد كانت عقوبة الجلد تعتلي عرش العقوبات الشرعية والقانونية في المملكة العربية السعودية. تاريخها يمتد لزمن بعيد، حيث كانت تُطبق فيما يعرف بقضايا التعزير. هذه القضايا التي لم ترد فيها حدود شرعية أو قصاص في القرآن الكريم أو السنة النبوية. لكن في عام 2020، تغيَّرت هذه الصفحة من تاريخ العقوبة في المملكة، وفي هذا المقال سنتناول قرار إلغاء عقوبة الجلد وما يتعلق به.

تنفيذ حكم الجلد في السعودية

عُهِدَ بتنفيذ حكم الجلد في السعودية في حالاتٍ معينة، تشملت جرائم مثل الزنا واللواطة والسرقة وشرب الخمر، بالإضافة إلى لعب القمار والردة والبغي والفساد. كانت العقوبة تنفذ بواسطة ضرب المُدان بعصا أو حبل أو أي أداة أخرى، وعدد الضربات كان يُحدد من قبل القاضي. كانت تنفذ هذه العقوبة في الأماكن العامة عادةً، سواء في الأسواق أو الساحات.

ومن ثم، في العشرين من أبريل عام 2020، أصدرت المحكمة العليا السعودية قرارًا بإلغاء عقوبة الجلد التعزيرية. وقد تم توجيه المحاكم بتنفيذ عقوبات بديلة، بما في ذلك السجن أو الغرامة أو تنفيذ عقوبات أخرى تُحددها السلطات المختصة.

منذ ذلك الحين، لم يُنفذ حكم الجلد إلا في حالات الحدود والقصاص، وهي القضايا التي ورد فيها حدٌ أو قصاص في الشريعة الإسلامية أو القوانين الوضعية.

إجراءات تنفيذ حكم الجلد في السعودية

في الخامس والعشرين من أبريل 2020، تم إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير بقرار من المحكمة العليا. وبناءً على هذا القرار، أصبح من الصحيح للقضاة أن يُفرضوا عقوبتي السجن أو الغرامة أو كليهما معًا، أو أي عقوبة بديلة تراها السلطات مناسبة.

أما بالنسبة لعقوبة الجلد في قضايا الحدود والقصاص، فما زالت قائمة في السعودية وتُنفذ وفقًا للأحكام الشرعية. هذه العقوبات تتضمن الخطوات التالية:

  • إصدار الحكم من قبل المحكمة المختصة، وفقًا للأحكام الشرعية.
  • تحديد عدد الجلدات من قبل القاضي المختص، استنادًا إلى طبيعة الجريمة والعقوبة المحددة لها.
  • تنفيذ الحكم في الأماكن العامة، أمام حشد من الناس، بهدف ترسيخ الردع العام.
  • استخدام السياط في التنفيذ، حيث تكون هذه السياط مصنوعة من الجلد وذات طول يُقدر بحوالي متر واحد وعرض حوالي 2 سم.
  • يُمكن أيضًا تنفيذ الحكم عن طريق جلاد مُرخص لتنفيذ حكم الجلد، والذي يقوم بجلد المحكوم عليه على ظهره أو مؤخرته، حسب طبيعة الجريمة.
  • بعد التنفيذ، يجب التأكد من عدم وفاة المُدان، وذلك بالاستعانة بالطبيب.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حالات تسمح باستثناء عقوبة الجلد، مثل حالات المرض أو الشيخوخة أو الحمل والإرضاع.

قائمة بالعقوبات البديلة عن الجلد في السعودية

تشمل العقوبات البديلة التي يمكن فرضها بدلاً من عقوبة الجلد في السعودية:

  • السجن.
  • الغرامة.
  • الإبعاد.
  • الخدمة العامة.
  • المنع من السفر.
  • المراقبة الإلكترونية.

الفرق بين الجلد التعزيري والحد

الجلد التعزيري هو عقوبة تُفرض على الجرائم التي لم يُرد لها حدٌ في الشريعة الإسلامية، بينما الحد هو عقوبة ثابتة مُحددة في الشريعة الإسلامية لجرائم محددة. الجدول التالي يوضح الفرق بينهما:

الجلد التعزيري الحد
– عقوبة تُفرض على مرتكب جريمة لم يُرد لها حدٌ في الشريعة. – عقوبة ثابتة مُحددة في الشريعة لجرائم معينة.
– مقدار الجلد التعزيري يُحدد بواسطة القاضي بناءً على عدة عوامل. – الحد مُحدد بالفعل في الشريعة الإسلامية لكل جريمة.
– لا يُلزم الجلد التعزيري بحدٍ أدنى أو أقصى. – يُلزم الحد بحدٍ أدنى أو أقصى.

من يُعاقَب بالجلد في قضايا شرب الخمر؟

تنص القوانين السعودية أن من يُثبت شرب الخمر له عقوبة الجلد بواقع 80 جلدة. يُشترط في تطبيق هذه العقوبة أن يكون المدان مسلمًا بالغًا وعاقلاً، وأن يكون قد ثُبِتَ عليه ارتكاب هذه الجريمة بشهادة شهود أو اعتراف منه.

تنفذ هذه العقوبة بواسطة ضرب المدان بعصا أو حبل أو أي أداة أخرى، ويتوقف الجلاد عن الضرب إذا طلب المدان العفو أو إذا فقد وعيه.

تثير عقوبة الجلد هذه جدلاً كبيرًا في المجتمع، حيث يرى البعض أنها قاسية وغير إنسانية وأنها لا تحقق الردع المطلوب. بينما يرون آخرون أنها عقوبة عادلة تحقق الردع المطلوب وتمتثل للشريعة الإسلامية. تبقى هذه المسألة خلافية تخضع لأحكام الشريعة والقوانين الوضعية.

متى يُنفذ حكم الجلد

تُنفَّذ عقوبة الجلد في الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية في الحالات التالية:

  1. الحدود الشرعية: وهي العقوبات التي حددها الله تعالى في القرآن الكريم، مثل الجلد في جرائم الزنا والسرقة والقذف وشرب الخمر والردة.
  2. التعزيرات: وهي العقوبات التي يقررها ولي الأمر، مثل الجلد في جرائم الفساد والرشوة والدعارة والاختلاس وغيرها.

يتوقف تفصيل كل حالة على ما يتوافق مع الحدود الشرعية. على سبيل المثال، يُجلَد الزاني المحصن 100 جلدة، والزانية المحصنة 100 جلدة، بينما يُقطَع يد السارق المحصن ويُجلَد السارق غير المحصن 40 جلدة. تُجلَد القاذف 80 جلدة وشارب الخمر 80 جلدة أيضًا.

بالنسبة لشروط تنفيذ حكم الجلد، يجب أن يصدر الحكم من محكمة شرعية مُختصة، وأن يكون المتهم قد اعترف بجريمته أو ثُبِتت عليه بشهادة شاهدين عدلين.

على الرغم من الجدل الدائر حول عقوبة الجلد، إلا أن هذه العقوبة لا تزال جزءًا من النظام القانوني في السعودية وتُنفَّذ في الحالات المحددة بالشريعة والقوانين الوطنية.

هذا يُسلط الضوء على التوازن الحسّاس بين العقوبات التي تنفّذ في إطار القوانين الشرعية والقانونية في المملكة العربية السعودية، وكيفية تطور هذا التوازن مع مرور الزمن. تظل قضية تنفيذ حكم الجلد موضوعًا للنقاش العام والتأمل في تبعاتها القانونية والاجتماعية والأخلاقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى