شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى سبب وروده
محتويات
تعرف على شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى سبب وروده عبر موقعي، حيث تعرف النية في اللغة العربية بمعنى القصد والعزم على فعل الشيء والإرادة لتحقيقه، أما في الإصطلاح فيرى كثير من العلماء أن النية هي أن يقصد المرء الشيء ويقرنه بفعله وبذلك تتحقق نيته، وفيما يلي سنتعرف على شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى سبب وروده ومكانته وأهمية النية في الأعمال بالتفصيل.
شرح حديث إنما الأعمال بالنيات
قد جاء عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال:
(سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ (صَلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ) يقولُ: إنَّما الأعْمَالُ بالنِّيَّات، وإنَّما لِكل امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ)
يعد هذا الحديث النبوي من أهم الأحاديث النبوية الشريفة، حيث أنه يحمل الكثير من المعاني بين كلماته، لذلك سنقوم بشرح مفصل لمعنى كلمات الحديث.
إنَّما الأعْمَالُ بالنِّيَّات
يقصد بالنية كل ما يرغب المرء بفعله ويعزم على تحقيقه، والنية محلها القلب ولا يلزم النطق بها باللسان حتى تتحقق.
حيث أن النية تتبع العلم وبذلك فإن علم المرء بما يفعل فإنه يكون قد نوى بالضرورة، وهذا هو سبب عدم شروع تكرار النية والجهر بها.
وعرف بعض أهل العلم والمُتأخرين النية على أنها كل ما لا يكون قولا، أي كل ما يتعلق بالقلب والجوارح وليس التلفظ باللسان.
وإختلف العلماء حول تقديرهم للفعل المحذوف في قول الرسول (صل الله عليه وسلم) “إنما الأعمال بالنيات”، فمنهم من إشترط النية وقدروها بقولهم “إنّ صحة الأعمال تكون بالنيات”.
ومنهم من لم يشترط النية وقدروها بقولهم “إنّ كمال الأعمال يكون بالنّيات”، وقال (شمس الدين السُرُوجي) وهو أحد مُتأخّري المذهب الحنفي، أن تقدير الفعل المحذوف هو “إنّ ثواب الأعمال يكون بالنيات”.
وقيل أن الـ التعريف المتواجدة في كلمة (الأعمال) يقصد بها العهدية، أي أنها تفيد وتقتصر على الأعمال التي يفعلها المرء كي يتعبد ويتقرب بها إلى الله عز وجل.
ويري البعض أن كلمة (الأعمال) تفيد العموم وليس القصر على العبادة فقط، فهي يمكن أن يقصد بها العادات أيضا، فيؤجر عليها المرء إن قصد بتلك العادات التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وتتمثل تلك العادات في الأكل والشرب والنوم وما إلى ذلك.
وتأتي النية في العبادة للتمييز والتفريق بين العبادات كالتمييز بين الفرض والنفل، كما أنها تتعلق بالتفريق بين بعض العادات التي يقصد بها العبادة كالفرق بين غسل الجنابة وغسل النظافة.
وإنَّما لِكل امْرِئٍ ما نَوَى
وتعني تلك العبارة في الحديث الشريف أن كل من نوى القيام بشيء حصل له أجره، وما لم ينوه المرء لا يحصل له أجره، وتشمل هذه العبارة الكثير من المسائل الدنيوية.
ويقصد بها أن ثواب وأجر العمل يكون على حسب حسن نية صاحبه، وكذلك عقاب العمل يكون على حسب سوء وفساد نية صاحبه.
ويمكن أن يقوم المرء بتعدد النوايا حتى يؤجر عليهم جميعا وينال الثواب العظيم، كأن يذهب الإنسان للصلاة في المسجد ويقوم بزيارة مريض وهو في طريقه.
فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
يأتي معنى كلمة الهجرة في اللغة العربية بمعنى الترك، ومنها الهجرة من مكان إلى مكان كالهجرة إلى المدينة المنورة وما إلى ذلك، وتأتي أيضا بمعنى هجر المعاصي وتركها.
وجاءت كلمة الهجرة في الحديث الشريف للإشارة إلى الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكان قصد الرسول (صل الله عليه وسلم)
أن من قصد ونوى الهجرة لله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم فكانت هجرته لله عز وجل ورسوله الأمين بالحكم والشرع.
ويقصد بالهجرة في الإصطلاح ترك بلاد الكفار والإنتقال إلى بلاد الإسلام، وحكم تلك الهجرة واجبة على كل مسلم، وقد استثنى الله عز وجل بعض الأصناف من القيام بتلك الهجرة، وتتمثل تلك الأصناف في قوله تعالى:
(إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً)
ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا
ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ
قام النبي (صلوات الله وسلامه عليه) بقول عبارة (فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ) تحقيرا لشأن الهدف من الهجرة والمقصود منها، فجاء ذلك في سياق الذم.
حيث يجب أن يكون القصد والنية في الهجرة لله جل جلاله وتقدست أسماؤه ولنبيه الكريم محمد (صل الله عليه وسلم)، وأن لا تتعلق تلك النية لقضاء أي غرض من الأغراض الدنيوية.
سبب ورود حديث إنما الأعمال بالنيات
كان هناك رجل بمكة المكرمة قد خطب إمرأة تدعى (أم قيس)، وهذا كان قبل هجرة الرسول (صل الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة.
وكانت (أم قيس) قد عزمت على الهجرة مع الرسول (صلوات الله وسلامه عليه)، فلما تقدم هذا الرجل لخطبتها رفضت الزواج منه حتى يهاجر معها إلى المدينة المنورة.
فقام بالهجرة معها حتى يتزوجها وليس لوجه الله عز وجل، فأطلق الناس عليه إسم “مهاجر أم قيس”، وحينها قال الرسول (صل الله عليه وسلم) هذا الحديث الشريف.
مكانة حديث إنما الأعمال بالنيات
قام الكثير من أهل العلم بتعظيم حديث إنما الأعمال بالنيات، فقال بعضهم أنه يحمل ثلثي العلم، حيث أن النية هي سبب صلاح العمل أو فساده، وعليها يؤجر المرء أو يعاقب.
وقد قام الإمام البخاري بوضع هذا الحديث كأول حديث في صحيحه من عظم شأنه وكبر منزلته، وقام الإمام الشافعي بالقول عن هذا الحديث أنه يأتي تحته سبعين بابا من أبواب العلم.
وأوضح جمهور الفقهاء أن العلم والدين يقوما على أربعة أحاديث نبوية، وحديث إنما الأعمال بالنيات واحد منهم.
وقال ابن تيمية أن هذا الحديث يعد أصل من أصول الدين الإسلامي، فهو أصل كل عمل، كما أنه يشمل كافة الأعمال الباطنة.
وقال (أبي سعيد عبد الرحمن بن مهديّ) أنه لو قام بتأليف كتاب للأحاديث النبوية لجعل هذا الحديث في بدايته.
أهمية النية في الأعمال
تتواجد العديد من الأسباب التي تجعل النية في الأعمال في غاية الأهمية، ومن أهم تلك الأسباب ما يلي:
- تعد النية الصالحة من أهم الأمور الخاصة بالقلب التي تعمل على سعادة الإنسان في الدنيا وكذلك في الآخرة.
- نيل الثواب العظيم على نية القيام بعمل للتقرب من الله حتى وإن لم يقدر المرء على عمله، فقد جاء عن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) أنه نوى الذهاب إلى معركة بدر ولم يشهدها لمرض زوجته بنت الرسول (صل الله عليه وسلم)، فقال له النبي أن له من الأجر كمن حضر.
- يدور حول النية العديد من المسائل الفقهية ولذلك يوجد لها الكثير من القواعد الفقهية التي تسمى بإسم (الأمور بمقاصدها).
- نيل العبد الأجر العظيم عند القيام بالعادات إذا قرنها بالنية الحسنة وأن تكون خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.
الأمور المستفادة من الحديث الشريف
تتواجد بعض الفوائد العديدة في حديث النبي (صل الله عليه وسلم)، ومن تلك الفوائد العظيمة ما يتمثل في الآتي:
- معرفة أن النية محلها القلب ولا يتوجب التلفظ بها، وأن التلفظ بالنية ما هو إلا بدعة.
- أن مدار كافة الأعمال على النيات، وكان ذلك صحة وفسادا وكذلك كمالا ونقصا.
- أشار النبي (صل الله عليه وسلم) في الحديث الشريف أن من أراد الغنيمة ونيل الثواب العظيم صحح العزيمة وأخلص النية لله تعالى، ومن أراد المواهب السَّنِية أخلص في نيته.
- الأمر الذي يفرق بين العبادة والعادة هو النية.
- ينال المرء على نيته ما لا يناله على عمله.
بذلك نكون قد تعرفنا على شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى السبب من ورود هذا الحديث الشريف، كما تعرفنا على مكانته ومنزلته العظيمة.
بالإضافة إلى أننا قد ذكرنا بعض أسباب أهمية النية في الأعمال، وذكرنا أيضا بعض الفوائد والأمور المستفادة من الحديث النبوي الشريف.
شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى سبب وروده, شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى سبب وروده, شرح حديث إنما الأعمال بالنيات وعلى سبب وروده