تعريف التأقلم وكيف الوصول إليه
محتويات
التأقلم أو التكيف يمكن تبسيطه لك عزيزي القارئ بأنه قدرة الإنسان على إحداث التغيرات اللازمة ليتماشى مع المتغيرات التي تحدث في المحيط الذي يعيش فيه، وهذه القدرة على تغيير الذات تستلزم مقدرة كبيرة على التحكم في الذات، وقدرة على قراءة الواقع، واتخاذ القرارات التي يتمكن بها الإنسان من الحفاظ على حياته في استقرار ونمو وعدم الاستسلام لحالة محاولة الاحتفاظ ببعض المعطيات التي يعجز الإنسان عن الاحتفاظ بثباتها مهما حاول، لذلك يحاول موقعي.نت مناقشة تلك القضية.
تعريف التأقلم وكيف نصل إليه؟
في البداية يجب أولاً أن نفهم كيفية السيطرة على أنفسنا والسيطرة على أدواتنا لكي نحقق هذا التغيير الذي يمكننا من التماشي مع المتغيرات التي تحدث حولنا، فالسيطرة على أدواتنا الشخصية النفسية لها أثر كبير في نجاح عملية التأقلم، لهذا:
- يأتي تعريف التأقلم في تمكن الإنسان من القيام بتوفير احتياجاته الأساسية بدون تقصير في وجود المتغيرات التي تحدث في البيئة التي يعيش فيها الإنسان.
- هناك بعض الأشخاص يرتبطون في حياتهم ببعض المعطيات التي يربطون بينها وبين توفير احتياجاتهم الشخصية، مثل وجود رابطة معنوية بين الإنسان وبين المنزل الذي يعيش فيه، ورفضه الانتقال منه رغم عدم ملائمته ووجود فرص أفضل في أماكن أخرى.
- ومثل تلك الأشخاص حين ينتقلون لأماكن جديدة مع وجود رابطة قوية في الأماكن القديمة، يضعون شروطاً تقيد حريته في استثمار مهاراتهم الشخصية في التواصل والنجاح والنمو المهني والاجتماعي.
- ففي حين أن هذا الشخص كان ناجحاً في مكان منزله القديم، ولديه شبكة علاقات، ولديه نجاح كبير في كافة المجالات الحياتية، إلا أننا قد نجده غير قادر على تحقيق نفس النجاح في حال تغير المكان الذي كان يعيش فيه، أو تغيير مجال العمل الذي تعود عليه.
- هنا تأتي أهمية فهم التأقلم، والتحكم في الذات ومهاراتها، وقراءة الواقع بعين واعية حتى يتمكن الإنسان من تحرير قدراته مرة أخرى من تلك الشروط الوهمية التي ربط قدراته بها فمنعها من الظهور في المكان الجديد.
تحرير المهارات الشخصية للإنسان
كما ذكرنا في الفقرة السابقة فإن هناك العديد من المهارات التي يكون هذا الإنسان قد اكتسبها بالفعل، وأتقن التعامل معها، ونجح بها في مجتمعه القديم، مثل مهارة توكيد الحقوق الذاتية، ومهارة التعبير عن العواطف وغيرها من المهارات:
- إلا أن تلك المهارات تكونت في مجتمعه القديم بأساليب مختلفة مثل أنه حين كان يعبر عن مشاعره لأشخاص في مجتمعه القديم، كانت تربطهم به صلة من عشرات السنين، أما في المجتمع الجديد فتلك الميزة لا تتوافر لحداثة عهده بالمكان الجديد.
- هنا يحتاج الإنسان إلى تطوير أدواته النفسية لكي يتمكن من صنع بيئة نفسية جديدة توازي نفس المميزات التي كان يحتاج إليها وتعامل معها في المجتمع القديم.
- ولكي يطور الإنسان من مهاراته النفسية يجب أن يحررها من الشروط التي يضعها لنفسه، مثل قوله “أنا لا أستطيع الحديث بحرية إلا مع فلان” ويكون هذا الفلان مع المكان القديم، حينها سيضع لنفسه عائقاً يمنعه من تكوين علاقات جديدة في المكان الجديد.
راقب نفسك وحرر نفسك من القيود
نعم عزيزي القارئ، فمراقبة النفس ودراستها من أهم شروط نجاح الإنسان في استعادة مهاراته التي يظن أنه فقدها في المكان القديم، فتلك الشروط التي يضعها الإنسان ما هي إلا معتقدات يمكن إنكارها والاعتقاد بغيرها إن ثبت عدم مصداقيتها وعدم جدواها.
فمراقبة التحركات الوجدانية وفهم أسباب تحركاتها بشكل معين، وفهم الأحداث المؤثرة التي أدت إلى تكوين هذا الاعتقاد له أثر كبير في تطوير القدرات واستعادتها في المكان الجديد.
فمشاعر الإنسان خلقها الله لتساعد الإنسان على التحرك وتزويده بالطاقة، فحين تتحول تلك المشاعر لطاقة سلبية تعطله عن الحياة بشكل طبيعي وتوفير احتياجاته الأساسية والسيطرة على نفسه، فإنه بذلك يكون في حاجة إلى معرفة التغيير في المعتقدات المغلوطة ونزعها من أفكاره.
ذاتك تتناسب مع كل مكان
هناك حقيقة مؤكدة عزيزي القارئ، أن الإنسان خلقه الله حراً يتمتع بحريته في كل مكان، قادر على النجاح في كل مكان، والإنسان قادر على تحقيق نجاحاته بصنع أدواته بنفسه التي تناسب المكان الجديد لهذا:
- فالإنسان هو الكائن الحي الوحيد القادر على تغيير الواقع والحياة والبيئة المحيطة، فكافة المخلوقات الموجودة على الأرض من الكائنات الحية تحاول التأقلم بتغيير بعض عاداتها، ولكن الإنسان قادر على ابتكار أنواع جديدة من الأدوات تغير من أسلوب الحياة تماماً.
- فالكائنات الحية ربما غيرت من نمط تخزينها للطعام، مثل النمل، الذي يقوم بتخزين الطعام الذي يجمعه في فصل الصيف ليتغذى عليه في فصل الشتاء، أما الإنسان فقد وهبه الله عقلاً قادراً على صنع الآلات التي مكنته من تغيير المناخ الموجود في الغرفة فلا يحتاج للاختباء مثل الحشرات، بل أضاف بعلمه مكتسب جديد مثل الثلاجة والتكييف مكنته من عدم الاختباء مثل الكائنات الأخرى لتستمر حياته في كل الفصول بحركة وحرية.
القدرة على التأقلم وتحرير الإبداع
يظن بعض البشر أنهم غير قادرين على الإبداع إلا في ظروف محددة تؤتي لهم بأفكارهم الإبداعية، مثل الذي لا يبدع إلا عند تناول القهوة أو الشاي، أو من لا يبدع إلا في وجود أصدقائه، لهذا:
- ولكن الحقيقة المؤكدة أن تلك الشروط التي وضعها الإنسان على إبداعه ليست حقيقية بالمرة، ولكن وضعها الإنسان بقصد أو دون قصد، من شدة تأثره عاطفياً بحدث بعينه، فظن أن هذا المكان وهذا الحدث هو مصدر الإبداع.
- ولكن الحقيقة أن الإنسان بذاته هو الذي أبدع وليس تلك الأشياء التي يعلق إبداعه بها، فقد خلق الله الإنسان ليتحرك في الكون ويعمره، ولم يخلقه مثل الأشجار والجبال مثلاً، وذلك لحكمة يعلمها الله، ربما كان منها تحقيق الإعمار في الأرض في كل مكان.
- فالإنسان مكلف بإعمار الأرض، فإذا ما نجح الإنسان في إعمار مكان معين، فقد أهله الله لكي يقوم بالانتقال لمكان آخر فيبدع في مكان جديد بدون قيد أو شرط على إبداعه.
قبول الذات ثم قبول الحياة
يؤكد علماء النفس على أن الإنسان الذي ربط ذاته بمكان معين هجره، يرى نفسه بدون قيمة ويعاني من احتقار الذات وفقد الهوية والشعور بالغربة، وهذا بسبب أنه ربط قيمته وربط تقديره الذاتي لنفسه بشيء معين.
مثل حب أشخاص معينين إذا عبروا له عن الحب، أحب نفسه، وإذا لم يعبروا له عن الحب، لا يرى نفسه موجوداً من الأساس، وعندما يهاجر هذا الإنسان، فيفقد شعوره بذاته لابتعاده عن الأشخاص الذين كانوا يمدونه بالحب، ولكن هذا الارتباط مرضي وغير سليم، ويجب على الإنسان أن يقبل ذاته بدون قيد أو شرط، حتى يتمكن من تطوير مهاراته واستغلالها في التأقلم في أي مكان جديد يذهب إليه.
وأخيراً .. فإن سؤال تعريف التأقلم؟ له العديد من الأبعاد التي لا نستطيع حصرها في مقالة واحدة، ولكننا حاولنا إلقاء الضوء عليها قدر استطاعتنا وعليك أنت عزيزي القارئ استكمال الطريق لتنجح في الحياة في أي مكان تعيش فيه.
تعريف التأقلم وكيف الوصول إليه, تعريف التأقلم وكيف الوصول إليه