الفتوى بغير علم أمر محرم
محتويات
الفتوى بغير علم: محظور ومقرب من الاعتداء على الله
الفتوى بغير علم هو أمر محظور بلا شك، فالمفتي يجب أن يكون شخصًا متسمًا بالعلم، المعرفة، والخشية من الله تعالى. يعد الإفتاء بغير علم واستنادًا إلى الهوى مثل الافتراء بالكذب على الله. فقد قال الله تعالى في تحذير وتنبيه من هذا الأمر في القرآن الكريم: “وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ” [النحل: 116].
وقد نهى الله تعالى المسلمين عن الإفتاء بغير علم والادعاء بالتعرف على ما ليسوا على دراية به، وأكد أن ذلك يعد افتراءً على الله وكذبًا عليه. في القرآن الكريم، قال الله: “فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [الأنعام: 144].
الصفات المطلوبة في المفتي
المفتي يجب أن يكون لديه مجموعة من الصفات الخاصة التي تجعله مؤهلاً لهذا الدور الهام. يجب أن يكون ذو معرفة واسعة وعمق في العلم. ويجب أن يتسم بالصدق والنزاهة، وألا يخشى لومة لائم في سبيل الله. كما يجب أن يكون لديه أسلوب آسر وساحر يجذب الناس إلى الدين ويبعدهم عن الارتكابات السيئة.
حكم الكذب على الله
الكذب على الله يعد من أعظم الذنوب، ويحكم بالكفر على من يكذب على الله عز وجل بقصد التلاعب أو التحريف في أمور الدين. في القرآن الكريم، ورد تحريم الكذب على الله بوضوح في قوله: “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ” [الأعراف: 33].
حكم الكذب على الرسول
الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد تحريفًا في أحكام الدين ويجري فيه التحليل والتحريم بغير علم، ولهذا فإنه يحمل عقوبة مشددة. فقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تكذيبه بقوله: “مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ” [صحيح البخاري].
هل المفتي بغير علم يحمل إثم المستفتي؟
نعم، المفتي الذي يفتي بغير علم يحمل إثم المستفتي إذا اتبع الأخير فتواه وارتكب فعلاً حرامًا استند إلى هذه الفتوى. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ” [جامع الترمذي].
خطر الفتوى بغير علم
رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا من خطر الفتوى بغير علم، لأنها تؤدي إلى إضلال المسلمين. فقد قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ لا يقبِضُ العِلمَ انتزاعًا ينتزِعُهُ من صُدورِ الرِّجالِ، ولكن يقبِضُ العِلمَ بقبضِ العلماءِ، فإذا لم يَبْقَ عالِمٌ اتَّخذَ النَّاسُ رؤُساءَ جُهَّالًا فَسُئِلوا فَأفتَوا بغيرِ عِلمٍ فضَلُّوا وأضَلُّوا” [صحيح البخاري].
ويجب على المسلم أن يعتمد على العلماء والفقهاء المشهود لهم بالعلم والأمانة، وأن لا يتسرع في إصدار الفتاوى بناءً على رأيه الشخصي. يجب أيضًا عدم التشكيك في المعلومات الدينية المعترف بها بالإجماع، والالتزام بالمبادئ الشرعية والأخلاقية في الاستشارة والاستفتاء.
في الختام، يجب على المسلم أن يكون حذرًا وواعيًا بخطورة الفتوى بغير علم، وأن يسعى دائمًا لاستشارة العلماء المؤهلين قبل اتخاذ أي قرار ديني مهم.